المصدر – اليوتيوب: إذاعة مختلف
المقدمة: التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية
في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة العربية السعودية تحولًا رقميًا هائلًا،
حيث أصبحت التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، محورًا أساسيًا في رؤية 2030.
هذا التحول لم يكن مجرد تبني للتكنولوجيا، بل كان جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الابتكار. تسعى المملكة إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وتطوير قطاعات جديدة تعتمد على المعرفة والتقنية.
الاستثمار في التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، يُعتبر خطوة حيوية نحو تحقيق هذه الأهداف، حيث يمكن لهذه التقنيات أن تسهم في تحسين الكفاءة والإنتاجية في مختلف القطاعات، من الصحة والتعليم إلى الصناعة والزراعة.
رحلة المهندس فهد الطريف: من Oracle إلى Groq
المهندس فهد بن عبد العزيز الطريف، الذي بدأ مسيرته المهنية في شركة Oracle عام 2005،
كان شاهدًا على هذا التحول الرقمي في المملكة. خلال فترة عمله في Oracle، اكتسب خبرة واسعة في مجالات القيادة والإدارة والتقنية، مما أهّله ليكون جزءًا من هذا التغيير.
في خطوة جريئة، قرر المهندس فهد الانتقال إلى شركة Groq، وهي شركة متخصصة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تم تعيينه نائبًا للرئيس والمدير الإداري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
هذا الانتقال يعكس التوجه العالمي نحو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، ويدل على إدراكه لأهمية هذا المجال في تشكيل مستقبل التقنية.
تُعتبر هذه الخطوة جزءًا من جهود المملكة لتعزيز التعاون مع الشركات الرائدة عالميًا في مجال التقنية، ونقل المعرفة والتكنولوجيا إلى السوق المحلي.
Groq: ريادة في مجال الذكاء الاصطناعي
تأسيس الشركة ورؤيتها
تأسست شركة Groq في عام 2016 على يد مجموعة من المهندسين السابقين في Google، بقيادة جوناثان روس،
الذي كان له دور بارز في تطوير وحدة معالجة التنسور (TPU) في Google. تهدف Groq إلى تطوير تقنيات متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تحسين أداء وكفاءة عمليات الاستدلال (Inference) في النماذج الذكية. تسعى الشركة إلى تقديم حلول تكنولوجية تمكن المؤسسات من تنفيذ تطبيقات الذكاء الاصطناعي بسرعة وكفاءة، مما يسهم في تسريع الابتكار والاكتشاف في مختلف المجالات.
وحدة معالجة اللغة (LPU)
أحد الابتكارات الرئيسية لشركة Groq هو تطوير وحدة معالجة اللغة (LPU)،
التي تتميز بسرعة عالية وكفاءة في استهلاك الطاقة، مما يجعلها مثالية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب استجابات فورية. تُستخدم هذه الوحدات في تطبيقات متعددة، مثل المساعدات الرقمية وأنظمة القيادة الذاتية. تُعد LPU تطورًا مهمًا في مجال معالجات الذكاء الاصطناعي، حيث توفر أداءً عاليًا مع تقليل استهلاك الطاقة، مما يجعلها مناسبة للاستخدام في البيئات التي تتطلب كفاءة عالية واستجابة سريعة.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على الأعمال
تحسين الكفاءة والإنتاجية
أوضح المهندس فهد كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين الكفاءة والإنتاجية في مختلف القطاعات. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة لاستخلاص رؤى قيمة تساعد الشركات في اتخاذ قرارات مستنيرة. كما يمكن استخدامه في أتمتة المهام الروتينية، مما يتيح للموظفين التركيز على المهام الاستراتيجية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة العملاء من خلال تقديم خدمات مخصصة وتوقع احتياجاتهم، مما يعزز رضا العملاء وولائهم.
دور القيادة في تبني التقنيات الحديثة
أكد المهندس فهد على أهمية دور القادة في المؤسسات في تبني التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أن القادة يجب أن يكونوا على دراية بالتقنيات المتاحة وكيفية تطبيقها لتحقيق أقصى استفادة منها، مع التركيز على تطوير مهارات الموظفين لضمان نجاح عملية التحول الرقمي. كما شدد على ضرورة خلق ثقافة تنظيمية تشجع على الابتكار والتجربة، حيث يمكن للموظفين استكشاف واختبار حلول جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين العمليات والخدمات.
تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
التحديات والفرص
مع التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، تثار تساؤلات حول تأثيره على سوق العمل.
أشار المهندس فهد إلى أن بعض الوظائف قد تتأثر، ولكن في المقابل، ستظهر وظائف جديدة تتطلب مهارات متخصصة في هذا المجال. لذا، من الضروري أن يستعد الأفراد لتطوير مهاراتهم ومواكبة التغيرات في سوق العمل. على سبيل المثال، قد تتطلب الوظائف المستقبلية مهارات في تحليل البيانات، تطوير الخوارزميات، وإدارة مشاريع الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، ستزداد الحاجة إلى مهنيين قادرين على تفسير نتائج النماذج الذكية واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً عليها.
أهمية التعليم والتدريب
شدد المهندس فهد على أهمية التعليم والتدريب في تأهيل الكوادر الوطنية للعمل في مجالات الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى ضرورة التعاون بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص لتوفير برامج تدريبية متخصصة تلبي احتياجات السوق.
كما أكد على أهمية التعلم المستمر والتطوير الذاتي، حيث يتغير مجال الذكاء الاصطناعي بسرعة، مما يتطلب من المهنيين البقاء على اطلاع دائم على أحدث التطورات والتقنيات.
السعودية والذكاء الاصطناعي: رؤية مستقبلية
الاستثمار في البنية التحتية الرقمية
تسعى المملكة العربية السعودية إلى أن تكون رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال الاستثمار في البنية التحتية
السعودية بدأت بالفعل خطوات عملية لتعزيز مكانتها العالمية في الذكاء الاصطناعي،
بدءًا من تطوير مراكز البيانات العملاقة، وصولًا إلى استثمار ما يزيد عن 1.5 مليار دولار في إنشاء مركز استدلال ذكاء اصطناعي في الدمام، الذي قد يكون الأكبر من نوعه عالميًا.
المهندس فهد الطريف أشار إلى أن هذا النوع من الاستثمار لا يقتصر على توفير المعدات، بل يشمل تطوير منظومة متكاملة تضم الكفاءات الوطنية، مراكز الأبحاث، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تُستخدم محليًا وتُصدر عالميًا
السعودية تمتلك موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا يجعلها حلقة وصل بين الشرق والغرب،
وهو ما يمنحها فرصة كبيرة لتكون مركزًا عالميًا لمعالجة البيانات وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذه الطموحات تتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي تضع الذكاء الاصطناعي كمحور رئيسي للتحول الوطني.
التعاون مع الشركات العالمية
المهندس فهد أشار أيضًا إلى أن التعاون مع شركات دولية متخصصة مثل Groq لا يعني فقط الحصول على التقنيات،
بل تبادل الخبرات وتطوير حلول محلية مبنية على فهم عميق لاحتياجات السوق السعودي.
الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب فتح المجال للبحث العلمي، ستمكّن المملكة من ابتكار تقنيات ذكاء اصطناعي تنافس عالميًا وتعالج تحديات محلية في الصحة، التعليم، المرور، والخدمات الحكومية.
التكامل بين الحكومة، الجامعات، والشركات التكنولوجية من الداخل والخارج سيكون مفتاح نجاح السعودية في بناء اقتصاد قائم على الذكاء والبيانات.
نصائح للمهتمين بمجال الذكاء الاصطناعي
للطلاب والخريجين الجدد
المهندس فهد شدد على أن الطلاب والخريجين هم الأساس في بناء مستقبل الذكاء الاصطناعي في أي دولة.
لذلك، نصحهم بالتركيز على دراسة التخصصات العلمية والتقنية، مع إتقان أدوات الذكاء الاصطناعي مثل تعلم الآلة، تحليل البيانات، والبرمجة بلغة Python.
وأضاف أن الانخراط في برامج تدريبية، والمشاركة في مسابقات، والانضمام إلى أندية تقنية في الجامعات، يساعد على بناء خبرة عملية تميز المتقدمين لسوق العمل.
كما شجعهم على التعلم الذاتي من خلال منصات عالمية، مثل Coursera، edX، Udemy،
التي تقدم دورات متخصصة في أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق.
للموظفين والعاملين الحاليين
أما بالنسبة للمهنيين في سوق العمل، فأكد أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل فرصة لتوسيع الأدوار الحالية. يمكن للموظفين استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين إنتاجيتهم، مثل أتمتة التقارير، التنبؤ بالاحتياجات السوقية، وتحسين تجربة العملاء.
نصحهم المهندس فهد بعدم الاكتفاء بمهاراتهم الحالية، بل تطويرها لتناسب التحولات القادمة، من خلال فهم كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال عملهم تحديدًا.
مثلًا: موظفو التسويق يمكنهم استخدام نماذج تحليل سلوك المستخدم، والمحاسبون يمكنهم الاعتماد على أدوات تحليل البيانات المالية، وهكذا.
للقادة والمديرين
أما القادة والمديرون،
فقد دعاهم المهندس فهد إلى أن يكونوا أول من يتبنى الذكاء الاصطناعي، ليس فقط من الناحية التقنية، بل من خلال وضع استراتيجية داخلية تشجع على التجربة والتطوير.
واقترح تنظيم تحديات داخلية للشركات لتشجيع الموظفين على إيجاد حلول باستخدام الذكاء الاصطناعي، كما نوه إلى أهمية بناء فرق مختصة في الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات، حتى لو بشكل تدريجي.
القادة هم من يحددون مستقبل الذكاء الاصطناعي داخل مؤسساتهم، لذا يجب أن يكونوا ملمين بأساسيات التقنية، ويستثمروا في تدريب فرقهم وتبني ثقافة الابتكار.
الخاتمة: الذكاء الاصطناعي فرصة متتفوتش
كلام المهندس فهد الطريف بيوضح أن الذكاء الاصطناعي مش بس مجال جديد في التكنولوجيا، لكنه ركيزة أساسية في بناء المستقبل. الفرصة مفتوحة أمام الدول، الأفراد، والشركات، لكن الفرق الحقيقي بيكون في الجاهزية للتعلم، والتجربة، والقيادة.
السعودية أثبتت إنها مش بس مستهلكة للتقنية، لكنها بتتحول لمنتج ومصدر للحلول الذكية، وده مش بعيد عن أي دولة أو شخص عنده الطموح والاستعداد للتطور.
الذكاء الاصطناعي مش هيستنى حد، واللي يبدأ النهارده هيقود بكرة. وكل واحد فينا، سواء كان طالب، موظف، أو قائد، له دور مهم في رسم ملامح المستقبل الذكي.
الذكاء الاصطناعي هو مفتاح المستقبل،
لو عايز تبدأ صح، دلوقتي هو الوقت الأمثل
عشان تستفيد من الفرص التكنولوجية.